ميزانية السعودية 2026… رؤية تتسارع واقتصاد يشتد قوة عامًا بعد عام

بقلم: د. أحمد بن سعيد الغامدي

تستقبل المملكة العربية السعودية عام 2026م بميزانية تحمل رسائل واضحة بأن التحول الوطني يسير في الاتجاه الصحيح، وبأن الرؤية التي انطلقت قبل أعوام أصبحت اليوم واقعًا ملموسًا يزداد رسوخًا وعمقًا عامًا بعد عام. وجاءت كلمات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، لتجسّد هذا الاتجاه حين أكد أن المسيرة ستواصل طريقها بثبات نحو تحقيق الأهداف، مستعينة بالله ومتوكلة عليه، في إشارة تعكس ثقة القيادة بمسار التنمية، وإيمانها بقدرة الاقتصاد الوطني على تجاوز التحديات ومواصلة التقدّم.

ميزانية 2026م جاءت لتعلن دخول المملكة المرحلة الثالثة من رؤية 2030، وهي مرحلة تعظيم الأثر وتسريع الإنجاز، بعد أن أرست السنوات الماضية قواعد صلبة لمشاريع البنية التحتية والتحول الاقتصادي والإصلاح التشريعي والإداري. هذه المرحلة تمثل نقطة تحول مهمة يتوقع أن ترتفع فيها الإنتاجية، وتتكامل فيها القطاعات الجديدة مع منظومة الاقتصاد الوطني بما يعزز التنافسية ويزيد من مرونة سوق العمل. ويبرز هذا التقدم في توقعات نمو الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي بنسبة ٤.٨٪، وهو رقم يعكس التحول الهيكلي العميق في مصادر الدخل ويؤكد نجاح جهود تنويع الاقتصاد.

ورغم ضخامة المشاريع وتنوع الاستثمارات، تبقى ميزانية المواطن هي الأساس والمحور الذي تدور حوله خطط الدولة. فالسنوات الماضية شهدت توسعًا كبيرًا في الخدمات الحكومية، وتحسنًا في جودة الحياة، وتمكينًا أكبر للقطاع الخاص، وتوفيرًا لفرص عمل نوعية تتناسب مع طموحات الشباب السعودي. ويأتي ذلك بالتزامن مع التزام واضح بالاستدامة المالية التي لم تعد مجرد ضبطٍ للمصروفات، بل أصبحت استراتيجية لضمان استمرار مشاريع التنمية دون تباطؤ، مع المحافظة على التوازن بين الإنفاق والموارد والاستثمار الفعّال.

ومن جهة أخرى، تؤكد ميزانية 2026 استمرار المملكة في تعزيز موقعها كقوة اقتصادية واستثمارية مؤثرة على المستوى العالمي. فالإصلاحات الاقتصادية جعلت بيئة الأعمال أكثر تنافسية وجاذبية، وأسهمت في تطوير منظومة الاستثمار المحلي والدولي. ويأتي دور صندوق الاستثمارات العامة كأحد أبرز محركات هذا التحول، من خلال توسّع استثماراته داخل المملكة وخارجها، ودعمه للمشروعات الكبرى التي أصبحت اليوم جزءًا من الهوية الاقتصادية السعودية الجديدة. وفي مدن صناعية محورية مثل الجبيل، تظهر نتائج هذا التحول بوضوح من خلال توسع الصناعات البتروكيماوية، واستقطاب التقنيات الحديثة، وتعزيز دور المملكة في سلاسل الإمداد العالمية.

وتعكس الميزانية أيضًا توجهًا متوازنًا نحو تنمية شاملة تشمل جميع المناطق دون استثناء، عبر دعم الابتكار، وتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز مشاركة المرأة، وتحسين جودة الخدمات الحكومية بكافة أنواعها، وتطوير القطاعات الحيوية بما يضمن توزيعًا عادلًا لثمار التنمية. كما يظهر التزام الدولة بالحوكمة المالية وإدارة المخاطر في قدرتها على مواجهة المتغيرات العالمية والاستمرار في مسار نمو مستدام وقوي.

وفي ختام هذا المشهد الوطني، يتضح أن ميزانية 2026 ليست مجرد أرقام مالية، بل إعلان عن مرحلة جديدة من العزيمة الوطنية، تقودها قيادة ملهمة وشعب يؤمن بأن السعودية قادرة على صناعة مستقبل مختلف يليق بمكانتها وتاريخها وطموحاتها. لقد أكدت الرسالة التي صدرت مع إعلان الميزانية أن المملكة ماضية بثبات، وبثقة بالله، وبعزيمة لا تعرف التوقف، وأن السنوات القادمة ستكون امتدادًا لمسار نمو متسارع يضع المملكة ضمن الاقتصادات الكبرى ويمنح الأجيال القادمة وطنًا أكثر قوة وازدهارًا واستدامة.

اترك رد

تسهيلات الاستخدام
حجم الخط
ارتفاع السطر
تباعد الحروف
×
إشعار GDPR:

تستخدم هذه الإضافة ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك وتوفير إعدادات إمكانية الوصول المخصصة. يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط هذه في متصفحك وتسمح لنا بتذكر تفضيلاتك لحجم الخط ومخططات الألوان والميزات الأخرى لإمكانية الوصول. باستخدام هذه الإضافة، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط لهذه الأغراض. يمكنك حذف أو حظر ملفات تعريف الارتباط في إعدادات متصفحك في أي وقت. يرجى ملاحظة أن القيام بذلك قد يؤثر على تجربتك في الموقع.

Scroll to Top