في ليلة شاعرية باذخة، احتضنها

نادي وسم الثقافي فضاء سايتك ” مركز الأمير سلطان للعلوم والتقنية ، التقى الشاعر الدكتور عبدالله الخضير من الأحساء بالشاعرة الدكتورة مستورة العرابي من الطائف، ضمن الشريك الأدبي، في أمسيةٍ اتسمت بالعمق والجمال وتكامل الرؤى.

وشهدت الأمسية حضورًا نوعيًا من المهتمين بالشعر والنقد، حيث شارك الأستاذ محمد الخلفان، عضو نادي وسم الثقافي ورئيس المراسم، بمداخلة لافتة توقّف فيها عند تجربة الدكتورة مستورة العرابي، مستعيدًا قصيدتها «أبجدية الحياة» بوصفها بيانًا شعريًا يعرّف اللغة وصاحبتها معًا، هويةً ووعيًا وانتماءً لا يشيخ.

وأشار الخلفان إلى أن العرابي «لا تكتب اللغة بقدر ما تسكنها»، مؤكّدًا أن حضورها في الأمسية جاء متسقًا مع عمق تجربتها، حيث جمعت بين الحساسية الشعرية وصرامة المعرفة، وقدّمت قراءة نقدية أنصفت القصيدة دون أن تُطفئ وهجها، فكان حضورها قيمة مضافة للمشهد الثقافي.

وأدارَت المحاورة وقدّمت الأمسية الأستاذة سعاد الأحمري بحضور واثق وذائقة لغوية أنيقة، في تقديمٍ ذكيّ أضاء الأسماء دون أن يزاحمها، وحافظ على تماسك الحوار وحيويته، لتكون جسرًا فاعلًا بين النص والمتلقي.

أما الشاعر الدكتور عبدالله الخضير، فقد أمتع الحضور بنصوصٍ حملت عمق المكان وصدق التجربة، قصائد جاءت من جذورها، ووصلت إلى القلوب بعفوية ووضوح.

واختُتمت الأمسية على وقع شعورٍ بأن ما جرى لم يكن مساءً عابرًا، بل معنىً مكتملًا؛
أمسية أُديرت بوعي، وأُحيطت فيها الكلمة بلغة راقية، فلم تُلقَ القصيدة فحسب، بل أُنجزت… وبقي أثرها حاضرًا في الوعي والذاكرة.

قائلاً
منذ ثلاثة أعوام كتبتُ للدكتورة مستورة العرابي أطلب قصيدتها عن اللغة العربية، فجاءني منها نصٌّ يشبه البيان الشعري، قصيدة بعنوان «أبجديّة الحياة»؛
نصٌّ لا يعرّف اللغة فحسب، بل يعرّف صاحبته معها: هوية، ووعي، وانتماء لا يشيخ.

تقول:

ليَ انتماءٌ إلى الصحراء لم يغبِ
للضوء وهجُ امتدادٍ… إنه نسبي

أنا ابنةُ الضاد تدوينُ الهوى شجنٌ
على شفاهي وزهرُ الحبِّ يعبقُ بي

مددتُ جسرًا إلى الأيام ما ارتبكت
فيّ القواميسُ عن ماءٍ وعن لهبِ

ولا حوارٌ سوى ما هيّأت لغةٌ
من القلوب تُجلّي عتمةَ الحُجُبِ

يبقى التعدّدُ في الأفكار فيضَ ندىً
والصبحُ من لغةٍ عُليا بلا ريبِ

ومنذ ذلك الحين، بدا واضحًا أن مستورة لا تكتب اللغة، بل تسكنها؛
وحين حضرت الليلة، حضرت بذات العمق:
شعرٌ يعرف مداه، ونقدٌ يعرف حدَّه، فأنصفت القصيدة دون أن تُطفئ وهجها، وقدّمت من الطائف صوتًا ثقافيًا ناضجًا، تتجاور فيه الحساسية الشعرية مع صرامة المعرفة، فكان حضورها قيمة مضافة لا تُختصر.

وأدارت المحاورة وقدّمت الأمسية الأستاذة سعاد الأحمري بحضورٍ واثق، وذائقةٍ لغوية أنيقة؛
تقديمٌ ذكي، يعرف كيف يُضيء الأسماء دون أن يزاحمها، وكيف يمسك بخيوط الحوار ليبقى متماسكًا، حيًّا، ومضيئًا.
كانت سعاد جسر العبور بين النصّ والمتلقي، فبدأت الأمسية قوية… واستمرّت كذلك.

أمّا الشاعر عبدالله ابن الأحساء، فقد أتحفنا بنصوصٍ تحمل عمق المكان وصدق التجربة؛
قصيدةٌ تأتي من جذورها، فتصل إلى القلب بلا تكلّف ولا استئذان.

وهكذا كان الختام:
لم يكن هذا مساءً يُقال عنه انتهى،
بل معنىً اكتمل…
حين تُدار الأمسية بوعي، وتُحاط الكلمة بلغةٍ راقية،
لا تُقال القصيدة فقط… بل تُنجَز، وتبقى طويلًا في الوعي والذاكرة.

اترك رد

تسهيلات الاستخدام
حجم الخط
ارتفاع السطر
تباعد الحروف
×
إشعار GDPR:

تستخدم هذه الإضافة ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك وتوفير إعدادات إمكانية الوصول المخصصة. يتم تخزين ملفات تعريف الارتباط هذه في متصفحك وتسمح لنا بتذكر تفضيلاتك لحجم الخط ومخططات الألوان والميزات الأخرى لإمكانية الوصول. باستخدام هذه الإضافة، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط لهذه الأغراض. يمكنك حذف أو حظر ملفات تعريف الارتباط في إعدادات متصفحك في أي وقت. يرجى ملاحظة أن القيام بذلك قد يؤثر على تجربتك في الموقع.

Scroll to Top