بقلم : عاطف علي الأسود
تستعد مدينة الدمام يوم الاثنين الموافق 29 ديسمبر لحدث تنموي وسياحي بارز، يتمثل في افتتاح مشروع المدينة العالمية، أحد أكبر المشاريع الترفيهية النوعية في المنطقة الشرقية، وذلك برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، في خطوة تعكس ما تشهده المنطقة من حراك تنموي متسارع يتناغم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
ولا يأتي هذا المشروع بوصفه إضافة ترفيهية فحسب، بل يمثل تحولًا نوعيًا في مفهوم الاستثمار الحضري، حيث تتلاقى السياحة مع الثقافة والاقتصاد في مساحة واحدة، لتشكّل نموذجًا حديثًا لمدن الترفيه المستدامة، التي لا تستهلك الموارد بقدر ما تُعيد تدويرها اقتصاديًا، وتخلق فرصًا استثمارية طويلة الأجل.
وتجسد «المدينة العالمية» قفزة متقدمة في صناعة الترفيه، عبر محتوى ثقافي عالمي متنوع يجتمع في موقع واحد، من خلال أجنحة تمثل حضارات متعددة وتجارب تفاعلية تمزج بين الترفيه والمعرفة، ما يعزز من جاذبية المشروع للزوار ويرفع من مدة الإقامة ومستويات الإنفاق، وهي من المؤشرات الجوهرية لنجاح الوجهات السياحية على المستوى الدولي.
ويعزز من مكانة المشروع احتواؤه على مرافق متكاملة تشمل مسرحًا رئيسيًا، وبحيرة صناعية، وسوقًا عائمًا، ومساحات مفتوحة للفعاليات، ما يجعله منصة دائمة للبرامج الموسمية والأنشطة الثقافية والترفيهية، وليس مجرد موقع مؤقت أو موسمي، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على استدامة العوائد الاقتصادية.
ويمتد الأثر الاقتصادي للمدينة العالمية إلى ما هو أبعد من العوائد التشغيلية المباشرة، إذ يسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي عبر سلاسل الإمداد والخدمات المساندة، وخلق فرص وظيفية مباشرة وغير مباشرة في قطاعات متعددة، إضافة إلى تحفيز استثمارات القطاع الخاص في مجالات الضيافة، والمطاعم، والتجزئة، والصناعات الإبداعية، بما يعزز من مكانة المنطقة الشرقية كمقصد سياحي داخلي وخارجي.
ومن منظور اقتصادي، يُعد هذا النوع من المشاريع أحد الأصول التنموية طويلة الأجل، التي تحقق عوائد تراكمية، وتدعم مسار تنويع مصادر الدخل، وتُسهم في تعزيز الاقتصاد غير النفطي، بما ينسجم مع التوجه الوطني نحو بناء اقتصاد متوازن ومستدام.
ولا يقتصر أثر «المدينة العالمية» على البعد السياحي والاستثماري، بل يمتد ليشمل جودة الحياة، من خلال توفير فضاءات مفتوحة وتجارب ترفيهية آمنة تستهدف الأسرة والمجتمع المحلي، وتعزز من نمط الحياة النشط، وتدعم مفهوم المدن الصديقة للإنسان.
ويعكس المشروع في جوهره نموذجًا ناجحًا للتكامل بين القطاعين العام والخاص، بقيادة واعية من أمانة المنطقة الشرقية، التي استطاعت توظيف الأصول البلدية وتحويلها إلى فرص استثمارية حقيقية تُدار بعقلية اقتصادية حديثة، وتُقاس بمؤشرات الأداء والأثر التنموي.
وفي المحصلة، تمثل «المدينة العالمية» بالدمام رسالة تنموية واضحة، تؤكد أن المنطقة الشرقية ماضية بثقة نحو مدن نابضة بالحياة، ومشاريع تصنع القيمة قبل أن تستهلكها، وتضع الترفيه في موقعه الصحيح كأداة تنموية واقتصادية فاعلة.
إنه مشروع يُشاهد ويُستمتع به ويُحسب اقتصاديًا، وهو ما يجعل من افتتاحه في التاسع والعشرين من ديسمبر محطة مفصلية في مسار التنمية الحضرية والسياحية في المنطقة الشرقية.

