
بقلم: د. رسمية الربابي
يقام المؤتمر الدولي الثاني للذكاء الاصطناعي في نسخته الثانية
في قلب إسطنبول في مدينة تمزج التاريخ بالتجديد كنا على موعد اجتمع مئات المفكرين والممارسين والخبراء من شتى أنحاء العالم كثافة فكرية نوعية.. مزيج من التجارب والأبحاث ، وخليط من تنوع الخبرات، يشاركون للمحاولة للإجابة عن اسئلة عميقة ، وقلق نبيل لمستقبل يقوده ذكاء اصطناعي من صنع بشر، خوارزميات قد تغير الإنسان مركزه .
كان لي شرف المشاركة مع هذه الكثافة العلمية المثقلة بالعلم والخبرة والممارسة والتجربة ، شاركت بورقة علمية بعنوان:حين يلتقي الذكاء بالقيادة: كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل القيادات المؤسسية ؟
مُحَاوِلةً أن في عرض تجربة ، لا اجيب فيها على اسئلة جاهزة ، فطرحت بداية اسئلة جوهرية، اسئلة تأملية –
ماذا يبقى من القيادة… إذا صار القرار يُتخذ من آلة اصطناعية ، يقال أنها ذكية ، لا تملك إحساسًا ولا ندمًا؟
تحدثت في الورقة عن الانتقال من نماذج القيادة التقليدية إلى نماذج هجينة،
تجمع بين قدرة التحليل الرقمي وعمق البصيرة الإنسانية.
هذا النموذج (
A.I.L.M… ) محاولة لترميم الإنسان داخل القرار.
نموذجاً لا يدّعي أنه الحل، بل يقترح أن يكون “جسرًا”:
• بين الأرقام والعاطفة
• بين الذكاء الاصطناعي والذكاء الإنساني
• بين الحوكمة والرحمة
هذا النموذج يتكوّن من أربعة أبعاد:
• Analytics: التحليل العميق للمعلومات
• Innovation: تحويل التحليل إلى حلول إبداعية
• Leadership Insight: قراءة الواقع بمعرفة لا تصدر عن البيانات فقط
• Morality & Emotion: إعادة الاعتبار للمشاعر والقيم في كل قرار.
اثبت النتائج؟ التي لم تكن نظرية… بل واقعية!
فقد أظهرت الورقة أن تطبيق النموذج ساعد مؤسسات في تحسين دقة القرار القيادي بنسبة تصل إلى 40%،
خاصة في البيئات التي تعتمد بشكل كبير على البيانات، لكنها كانت تفتقد للبعد الإنساني.
اتبعت الورقة جلسة نقاشية… وجدت نفسي وكأني أُجيب بلسانين ..! سُئلت؟ :
• كيف نوازن بين الذكاء العاطفي والتحليل؟
• هل نثق في خوارزمية لا نعرف كيف تعمل؟
• كيف نقود بشرًا يخشون أن تُستبدل قلوبهم بالرموز؟
فكانت إجابتي من تجربتي من. صميم ورقتي ؛-بأن القائد الحقيقي لا يخشى الذكاء الاصطناعي،لكنه لا يُسلّمه مفاتيح القرار بالكامل…! بل يصاحبه… يفهمه… ويُفسّره للآخرين.
في خلاصة الموضوع وفي مضمون المشاركة ، كان مؤتمراً استثنائياً،؟
هو مؤتمر حمل همًّا فكريًا ..،
أعاد وضع الإنسان كما هو طبيعياً – لا كخصم للآلة اصطناعية ، إنما كصانع معاييرها وموجّه أثرها.
لم يكن مؤتمراً يطرح اوراقاً ، انما مؤتمراً يحمل مواقفاً.. موقفاً يحمل علماً، وموقفاً يتحمل مسؤولية ً وموقفاً يستشرف مستقبلاً ، خرجت فيه بتوصيةً لعلها ترسم خارطةً :-
-أن تبادر المؤسسات إلى تأسيس وحدات خاصة للقيادة الهجينة،تدرب قادتها على فهم أدوات الذكاء الاصطناعي،دون أن يفقدوا حسّهم الإنساني في اتخاذ القرار.
ذلك لأن الذكاء قد يصنع لنا ألف طريق،
لكن القلب وحده… يعرف كيف يختار أين نذهب.
اترك رد