
”
شيخوخة الفكرة لا الجسد بقلم -هناء الخويلدي
جسدٌ لا يشيخ وعقلٌ يتخطىَ الزمن
هل الشيخوخة زمنٌ.. أم فكرة؟
هل هي مجرد رقم يُعلّق على الجدار أم إحساسٌ نتبناه حتى يتسلل إلى خلايانا؟
طالما ظننا أن الكِبر يعني الضعف والانحناء، والعصا التي لا تُفارق اليد.
هكذا قيل لنا، وهكذا رأينا من قبلنا يشيخون فصدقنا أننا سنمضي مثلهم، دون سؤال، دون محاولة للفهم.
لكنني الآن، بعد أن قرأت ما قرأت، بدأت أرى أن الشيخوخة لا تبدأ حين يضعف الجسد، بل حين تضعف الفكرة في عقولنا.
أن نشيخ لأن غيرنا شاخ، أن نتعب لأننا نتوقع التعب، أن نرى في كل تجعيدة علامة نهاية…
ذلك ما يجعلنا أسرى لمعتقد ليس منّا، بل فُرض علينا بهدوء حتى ظنناه من فطرتنا.
الناس يشيخون ويموتون لأنهم يرون الآخرين يشيخون ويموتون هكذا قال شوبرا، وهكذا بدأ قلبي ينتبه لفكرة أن الشيخوخة قد تكون خيارًا، لا حتمًا.
تأملت جسدي كما لو كنت أراه لأول مرة،
كل خلية، كل نبضة، كل شعور…
وأدركت أن عقلي هو من يُملي على جسدي كيف يتصرف، كيف يتقدم، كيف يشيخ.
نعم، رأيت من بلغ التسعين وهو يمشي بخفة العشرين، يبتسم كطفل ويعيش كما لو أن العمر لعبة لا تحدها الأرقام.
ورأيت من هم في ربيع أعمارهم، ينهكون أنفسهم بشكوى دائمة، يستنزفون شبابهم بإحساس الشيخوخة قبل أن تطرق أبوابهم.
الشيخوخة ليست زحف السنوات… بل انحناءة الفكرة.
هي أن تنسى أن الحياة داخلك، وأنك قادر على تجديدها… بالتأمل، بالحب، بالامتنان، بالابتعاد عن كل ما يسمم الروح والجسد.
أن تُحب نفسك، أن تمنحها نمطًا صحيًا، أن تُصدق أنك تستحق الجمال حتى آخر لحظة…
ذلك ما يؤخر الزمن، بل ويجعله صديقًا، لا عدوًا.
الكتاب الذي غيرني وغير نظرتي إلي جسدي – “جسد لا يشيخ وعقل يتخطى الزمن” – لم يُحدثني عن طب فقط، بل عن وعي، عن عمق، عن روحٍ حين تتصل بالله، تتصل بالحياة ذاتها.
وقد قالها: “اخرج من دائرة الزمن، وستجد ذاتك في دائرة الحب.”
فلن نُقاس بعمرنا الزمني، بل بعمرنا البيولوجي، وعمرنا النفسي…
بما نشعر، لا بما كُتب في شهادة الميلاد.
اختر اليوم أن تعيش بوعي…
أن تُحب جسدك، أن تعتنق الحاضر، أن تُجدد معتقداتك، أن تبتسم لما تبقى لا لما مضى.
الشيخوخة؟
ربما كانت وهمًا صدقناه طويلاً…
والآن حان الوقت لنفيق.
اترك رد