
بقلم هناء الخويلدي
أحسنوا إلى الناس…
فإن القلوب تُستعبد بالإحسان، لا بالسطوة، لا بالخوف، لا بالسلطة.
لكن، الإحسان ليس حكرًا على الناس فقط،
بل هو نداءٌ يشمل كل ما خلق الله،
أولسنا جميعًا من خلقه؟ أولسنا في الأصل من رحمٍ واحد؟
فلمَ تستكثرون على المحسنين إحسانهم؟
ولماذا تظنون أن الطيبة تمثيل،
وأن الرحمة حيلة،
وأن العطف ضعف؟
ولكن العيون الملوثة ترى في الطهر قناعًا،
وفي النقاء استغلالًا.
تحقّرون النبل لأنه لا يُشبه خبثكم
وتنكرون على الطيبين طيبتهم لأنها لا تشبه ما تضمره نفوسكم.
يصبح الإنسان الطيب عرضة للاستغلال والابتزاز العاطفي،
فقط لأنه لا يعرف أن يجرح،
فتجرحونه.
لأنه لا يعرف أن يُؤذي،
فتؤذونه،
وكأنه لا يستحق الرحمة التي يمنحها،
فتنزعونها عنه دون شفقة.
الطيبة ليست سذاجة،
والرحمة ليست ضعفًا،
والمُحسن لا يرتدي قناعًا، بل وجهه هو الحقيقة.
تبحثون عن زلّة،
عن هفوة،
عن لحظة ضعف،
علّكم بذلك الخطأ تكسرونه…
تحطمونه،
لتمشوا على رفاته،
وكأن لطفه وطيبته كانت جريمة تستحق العقاب.
ولا تعلمون…
ذاك الذي أحسن إليكم،
كم معركة دامية خاضها،
وكم حربًا شُنت عليه ليخرج عن مساره.
لا تعرفون ماذا عانى قلبه ليتحمّل كل هذا الألم،
ولا ترون كم من وهج أطفئ في روحه،
لكنه ما زال يحاول أن يضيء بكلمة، أو شعور،
يبعثه نحوك،
ليخرجك من يأْسك،
حتى وإن كان هو في سجنٍ مظلم داخله،
يُطفئه كل يوم،
ولا يزال يحاول أن يشعل بك النور
إن الله يُحب المحسنين،
يحبهم بالكلمة الطيبة،
والشعور الصادق،
والمساعدة التي لا تنتظر مقابلًا،
ولا تطلب ثمنًا.
فانظروا إليهم بعيونٍ صافية،
وانظروا بنيّةٍ نقية،
تأملوا قلوبهم كما ينظر الله إلى قلوبنا،
لا إلى أجسادنا.
تجدونهم نبعًا عذبًا،
لا يُلوّث،
فقط قفوا عنده، وارتووا منه، ثم امضوا بسلام،
لا تفسدوه، لا تطفئوه، لا تؤذوه.
واذكروا:
إن أحسنت إلى الناس، استعبدت قلوبهم.
لا بالذل، بل بالمحبة،
لا بالقوة، بل بالإحسان.
إن الطيب لا يُجيد القسوة حتى يرضيكم،
ولا يُجيد التمثيل حتى يُشبهكم،
هو فقط يُحسن لأنه يعرف الله،
ولأنه يرى في كل مخلوق روحًا تستحق العطف،والحب والرحمة ، لا الحكم
اترك رد