
بقلم هناء الخويلدي
ليس دائمًا…
لكنّه كثيرًا ما يجيء من جهةٍ لا يسكنها المنطق،
من موضعٍ لا تُقاس فيه الخطوات بمسطرة الربح والخسارة،
بل تنبع فيه القرارات من رعشة قلب، من ومضة شعور،
من ارتعاش الحنين قبل أن ينطق العقل بحرفٍ واحد.
حين نحب، لا نجلس مع أنفسنا جلسة تقييم…
لا نسأل:
“هل هذا منطقي؟
هل هذا آمن؟
هل هذا هو الخيار الأجدى؟”
نحن فقط… نشعر.
ننساب، ننجرف، نغرق، دون أن نعرف أين نقطة العودة.
لكن…
ليس في هذا طعنٌ في دور العقل،
بل اعترافٌ بأن العاطفة أحيانًا تسبق،
وإذا سبقت، جذبت العقل خلفها كما يشدّ التيار زورقًا تائهًا.
أما عن المرأة…
فهي ليست كائنًا يحب بقلبه وحده كما توهمنا القوالب الجاهزة،
هي مزيج فريد من قلبٍ يُغامر، وعقلٍ يُحاور، وروحٍ تُبصر ما لا يُرى.
لكنها – بخلاف الرجل في كثير من الأحيان –
تمنح لقلبها القيادة حين تؤمن،
ليس لأن عقلها غائب، بل لأن قلبها أجرأ،
أكثر شجاعة في الإيمان، أكثر صدقًا في المجازفة،
فإذا أحبت، أحبت بكليّتها… بلا نقصان.
وتُرى…
لماذا تحب المرأة فوق مستوى الوعي؟
لأنها حين تُحب، لا تختار… بل تُجذب،
وكأن شيئًا خفيًّا في داخلها يتماهى مع الآخر،
فتسقط الحدود بين “أنا” و”هو”،
وتتشكل العلاقة كما لو كانت ذوبانًا، لا التقاء.
تُحب المرأة في المناطق التي لا تصلها العيون،
في الزوايا التي لا تراها حتى هي…
تتخلى عن عقلها أحيانًا، ليس لأنها تجهله،
بل لأنها تعرفه، وتؤمن أن ما تشعر به لا يحتاج تبريرًا.
فالحب الحقيقي؟
هو أن تجد نفسك فيه دون أن تعرف كيف…
أن تسأل: “لماذا هذا الشخص؟” ولا تجد جوابًا.
أن تجد في الآخر شيئًا يُشبهك دون أن تعرف كيف.
أن تسقط الحواجز، وتخاطب الآخر كما لو كنت تخاطب ذاتك.
في النهاية، لا يمكن فصل الحب عن العقل، ولا القلب، ولا الروح…
لكن الأدوار تتبدّل، تتناوب، تختلف من شخصٍ لآخر،
ومن تجربةٍ لأخرى.
فالعقل يحلل،
والقلب يغامر،
والروح… تتذكّر ما لم يُقال، وتهمس بما لا يُفهم.
وهناك فقط… يولد الحب، كما يولد النور من قلب العتمة.
اترك رد