الأخبار

لست بخير…ولا بأس في ذلك.

بقلم هناء الخويلدي

لست بخير…
وأقولها دون خجل، دون خوف، دون تزييف للوجع.
أنزوي في ركني البارد، حيث الصمت أحنّ من كل صوت،
وحيث يمكن لروحي أن تجمع شتاتها بهدوء،
بعيدًا عن أعينٍ لا ترى سوى ملامحي حين تبتسم،
ولا تُبصر ما يتكسّر في داخلي حين أختفي.
أختبئ من صخب العالم،
أضمّ روحي إليّ كمن يربّت على طفل خائف،
أبحث عن دفء لا يأتي من كلام، بل من صمتٍ يفهم،
ومن حضنٍ لا يسأل: “لماذا؟”

هل يجب علينا أن نكون دائمًا بخير؟
وكأن الألم عيب، وكأن الانكسار لا يليق بنا!
لا… لست بخير، لكنّي لا أطلب شيئًا،
لا تفسيرات، لا مواساة جاهزة، ولا نصائح تُغلف وجعي بورق الكلمات.
أحتاج فقط إلى مساحة…
أن أتألم بصمتي، أن أرتجف بخوفي،
أن أتأمل ملامح الحياة حين تخلع أقنعتها،
وأكتشف كم من الوجوه كانت حولي لأني بخير فقط.

أنا لا أحتاج علاجًا سريعًا للوجع،
ولا منطقًا يحاول أن يُقنعني أن كل شيء سيكون بخير الآن.
أحتاج فقط إلى أن أُحتوى،
أن أُرى كما أنا… بكُسري، بصمتي، بدموعي التي لا تنهمر، لكنّها تغرقني.

فليس من الضعف أن أقول:
“اليوم، أنا منطفئة. اليوم، لا طاقة لي للتماسك.”
إنما الضعف الحقيقي… أن أُجبر على التظاهر بالقوة حين تسقط جدراني من الداخل.

أعلم أن هذا الوقت، مهما طال، سيمضي.
وأعلم أن انكساري ليس نهاية، بل منحنى صغير في طريقٍ أطول.
لكن حتى يمرّ، دعوني أعيش هذا الوقت كما هو،
بهدوئه الحزين، بصمته الثقيل، دون أن أُدان أو أُحاكم أو يُعاد تشكيل ألمي بكلمات الآخرين.

لا أريد من يرممّني الآن…
أريد من يجلس إلى جانبي دون قلق،
من يقول لي بصوته أو حتى بنظرته:
“أنا هنا… حتى وإن لم تقل شيئًا.”

أحتاج إلى فسحة من نور،
ليس في نهاية النفق، بل في قلب العتمة،
تنبض بالسلام، وتهمس لي أنني لست وحدي،
أن الاحتواء لا يشترط الشرح،
ولا يُقاس بمدى شفائي، بل بحضوره الصادق.

دعنا نربّت على أكتافنا، لا لننهض فورًا،
بل لنقول: “أنا معك، دائماً وكما أنت واحبك بكل حالاتك و حيثما كنت.”

أعلم ياحبيبي انك وحدك من يفهم لغة صمتي
وبأنكً تربت على قلبي بإحتوائك الصامت وتمسح على خوفي بوجودك،
لن نُصلح بعضنا، فقط نُحب بعضنا كما نحن.
وبيننا عهد غير مكتوب: أن نكون ملاذًا لبعضنا لا محكمة.

فقط…
دعني أخبرك بصدقٍ يوجع ويُريح:
أنا اليوم، لست بخير

وفي هذا الصدق، في هذا السلام غير المشروط،
يولد الأمل من جديد — لا كضوءٍ ساطع، بل كنبضٍ خافت…
يتسلل من بين الشقوق…
ويهمس:
ما زلتَ قادرًا على النهوض… حين تكون مستعدًا

كن اول من يعلق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني.


*