
فأنت لست نبيًّا، ولم تُخلق معصومًا من زلّة،
الله وحده الكامل، وأنت مجرّد بشر،مزيجٌ هشّ من النور والعتمة،من الطهر والخذلان، من الرجاء والانكسار.نحن بارعون في تلميع الواجهة…نُتقن فن التزييف،
نرسم على وجوهنا ابتسامات هادئة، ونمشي بثقة محسوبة،
في حين أنّ قلوبنا تحمل شروخًا لا يراها أحد،وخلف كل صمت… تنهيدة،وخلف كل نظرة… قصة لم تُروَ.
لماذا ترتجف حين يراك الآخرون على حقيقتك؟
لماذا تخشى أن يلمسوا ضعفك، أن يروا تقلبك،
أن يكتشفوا أنّك لست كما تدّعي؟
أتخاف أن يخفت بريقك المصطنع؟
أم تطمع بمجدٍ لم تبنه بعرقك،
أو بمنصب لا يعرف ثقل الأمانة، ولا وجع الطريق؟
تسرق جهد من تعبوا،وتلصق على جبينك وسامًا لا تستحقه،
كأن النوايا لا تُفضح، وكأن الأيام لا تكشف المستور.وحين تخطئ، تتمنّع عن الاعتذار،تُلبس خطأك ثوبًا من صمتٍ ثقيل،كأنك لا تُخطئ،وكأن الاعتراف جرم،والتراجع هزيمة.
وإن أساء إليك أحد، تهتز…كأنك هيكلٌ من زجاج،كأنّ كلمة واحدة تكفي لتسقط قناعك،وتُحطم واجهتك التي طالما أخفيت خلفها ضعفك.
لماذا تنظر لنفسك من علو؟
لماذا تزرع في قلبك قداسة لم تُنبتها التجربة،ولا روتها المحن، ولا نضجها الوعي؟
تذكّر…
أنت إنسان.تسهو وتخطئ،تتألم وتثور،تُحب وتُبغض،
تتغير، تنضج، وتُبعث من رمادك مرارًا.فلا تُلزم ذاتك بكمال لا يشبهك،ولا تطالب الحياة أن تفرش لك الدرب لأنك ادعيت النقاء.كُن كما أنت…بكل نقائك ومراوغتك،بكل ضعفك وقوتك،ولا تُلبس نفسك ثوبًا لم يُفصّل لك،فالقداسة ليست لك،وإنما لله وحده
فقل لي بصدق،
أيّ عظمة تبنيها على وهم؟
وأيّ مجدٍ يدوم إن كان مرصوصًا فوق كذبة؟
تأمل…
أليست الرحلة أجمل حين نكون فيها بشرًا،لا آلهة مزيفة ولا أصنامًا من زجاج؟
أليست الحقيقة، مهما كانت عارية،أكثر طمأنينة من أقنعة تستهلكنا كي لا تسقط؟
فامنح نفسك حقّ الانكشاف،حقّ الاعتراف،حقّ السقوط والنهوض بلا خجل…ففي النهاية،ما أجمل أن تكون…
إنسانًا فقط، ولكن بصدق
اترك رد